مجلس الأمن يستمع لصراخ غزة: "فصل دراسي من الأطفال يُقتل يومياً"
مجلس الأمن يستمع لصراخ غزة: "فصل دراسي من الأطفال يُقتل يومياً"
قال مسؤولان رفيعا المستوى في الأمم المتحدة إن حجم المأساة الإنسانية في قطاع غزة يفوق الوصف بالكلمات، مؤكدَين أن العالم يخذل أطفال القطاع، وأن التاريخ لن يرحم هذا الفشل الإنساني.
جاءت تصريحاتهما خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء، لمناقشة آخر التطورات الكارثية في غزة، حيث قدم كل من توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، وكاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، إحاطتين مؤلمتين وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
نقص الطعام وصل لمستويات مخيفة
حذّر توم فليتشر من أن المدنيين في غزة يتعرضون للموت والجوع والنزوح القسري وفقدان الكرامة الإنسانية، لافتاً إلى أن إسرائيل بصفتها قوة احتلال ملزَمة قانونياً بتوفير الغذاء والدواء للمدنيين "لكن هذا لا يحدث".
وأضاف بصوت يملؤه الألم: «لسنا بحاجة إلى نقاش طويل لنعرف أن قتل المدنيين المنتظرين في طوابير الخبز لا يتماشى مع القانون الإنساني». وأوضح أن نقص الطعام وصل لمستويات مخيفة، حيث يغامر الأهالي بحياتهم لتأمين كسرة خبز لأطفالهم، فيُقتلون في الطريق أو أثناء الانتظار.
فليتشر كشف أيضاً أن معدلات الجوع الشديد بين أطفال غزة سجّلت رقماً مفزعاً في يونيو وأن أكثر من 5,800 طفل مصابون بسوء تغذية حاد، فيما يعمل 17 مستشفى فقط من أصل 36، وكلها بسعة محدودة وسط نظام صحي شبه منهار.
عقبات وصول كيس دقيق
استعرض فليتشر رحلة شاقة يمر بها كيس دقيق حتى يصل لمحتاجيه تبدأ بإجراءات جمركية معقدة وموافقات متكررة، ثم فحص أمني ومسح ضوئي وتحميل على شاحنات إسرائيلية، لتُنقل لاحقاً عبر طرق محفوفة بالأخطار داخل غزة، في النهاية، غالباً ما يُنتزع الدقيق من مؤخرة الشاحنات قبل أن يبلغ نقاط التوزيع الرسمية.
وأكد أن مع هذه العقبات، قد لا تصل مساعدتكم مطلقاً إلى من ينتظرها، داعياً إلى فتح ممرات آمنة وتسهيل دخول المساعدات وفق معايير إنسانية شفافة.
"دعونا نعمل من فضلكم"
تحت هذا النداء الصريح، طالب فليتشر بتأمين دخول المساعدات من معابر متعددة دون تعريض المدنيين للخطر، والسماح بحرية الحركة للمنظمات الإنسانية لإنقاذ الأرواح.
وانتقد تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين التي تلمّح إلى شرعية التجويع كورقة ضغط لإطلاق سراح الرهائن، مذكراً بأن تجويع المدنيين سلاح حرب، وجريمة حرب صريحة، كما شدّد على أن إقامة ما يُسمى بـ"مدينة إنسانية" لن يبرّر نقل المدنيين قسرياً.
وختم قائلاً: لسنا مضطرين للاختيار بين حماية المدنيين والمطالبة بالإفراج عن الرهائن. علينا أن نطالب بكليهما معاً ووقف إطلاق النار فوراً.
مقتل فصل دراسي كامل كل يوم
من جهتها، قالت كاثرين راسل إن الحقيقة البسيطة أننا نخذل أطفال غزة، وأضافت: «خلال الأشهر الـ21 الماضية قُتل أكثر من 17 ألف طفل وأُصيب 33 ألفاً، بمعدل 28 طفلاً يُقتلون يومياً؛ أي ما يعادل فصلًا دراسياً بأكمله يُباد يومياً تقريباً.
وأشارت إلى أن هؤلاء الأطفال يُقتلون غالباً أثناء بحثهم عن الغذاء أو الماء، مُستشهدة بمأساة دنيا، الأم التي فقدت طفلها محمد البالغ عاماً واحداً، في غارة استهدفت طابور مساعدات غذائية.
ضحايا في طوابير المساعدات
أوضحت راسل أن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وثّق بين 27 مايو و7 يوليو استشهاد 798 مدنياً فلسطينياً، بينهم أطفال، أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات غذائية أو بالقرب من مواقع التوزيع.
كما لفتت إلى استشهاد سبعة أطفال آخرين نهاية الأسبوع الماضي في طابور للحصول على مياه، مؤكدة أن هؤلاء الضحايا ليسوا مقاتلين، بل أطفال يسعون للنجاة.
أزمة تمتد إلى الضفة الغربية
في الضفة الغربية أيضاً، يتدهور الوضع الإنساني، حيث استشهد منذ بداية العام الجاري 33 طفلاً فلسطينياً، ونزح أكثر من 32 ألف شخص قسرياً بسبب العنف وهدم المنازل.
وحذّرت مديرة اليونيسف من أن جميع أطفال غزة -دون استثناء- يحتاجون اليوم إلى دعم نفسي عاجل، إذ حتى قبل اندلاع الحرب كان نصفهم يعاني صدمات نفسية.
يشهد قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 حرباً مدمّرة أدت إلى انهيار شبه كامل للبنية التحتية ونزوح نحو 85% من السكان، في حين يعاني أكثر من نصف مليون شخص من مجاعة حادة بحسب تقارير الأمم المتحدة، وفي ظل استمرار الحصار وإغلاق معظم المعابر، تواجه المنظمات الإنسانية صعوبة هائلة في إدخال المساعدات الحيوية للمدنيين.